[size=24][size=18]رحلة إلى بلاد المو
- ألو السيد حسان
- نعم أنا حسان
- مبروك السيد حسان لقد فزت بالمسابقة الثقافية لمجلتنا(ثقف نفسك)وأرجو أن تحضر إلى مكاتبنا كي تستلم جائزتك القيمة.
أغلق حسان الهاتف وهو يكاد يطير فرحا, فهي المرة الأولى التي يشارك فيها في مسابقة عامة, وقد حالفه التوفيق ففاز في أول مشاركة ’وقد تضاعف شعوره بالسعادة عندما تذكر أن فوزه في المسابقة كان تقييما لمعلوماته وثقافته العامة’وليس نتيجة لاتصال هاتفي أو ضربة حظ كما يفعل الملايين آملين بالملايين.
قصد حسان مكان المجلة’ودخل غرفة أمين السر الذي رحب به بحفاوة, وقدم له الجائزة وهي رحلة لمدة أسبوع إلى ((بلاد الموني ))
شكره حسان على هذه الجائزة القيمة’ولكنه سأله مستفسراً: وأين تقع هذه البلاد؟
ابتسم سكرتير التحرير ‘ وأجاب: ستجد المعلومات كاملة في المغلف الذي أعطيتك إياه.
شكر حسان إدارة المجلة من جديد’ وهرع إلى بيته كي يفتح المغلف ويبحث عن موقع تلك البلاد.
لقد وجد في المغلف عدة نشرات سياحية ‘ فهم منها أن ((بلاد الموني)) تقع في جزيرة نائية في المحيط الهندي ‘ ويقصدها كبار رجال الأعمال وأثرياء العالم لما تتمتع به من مواقع سياحية ومعابد قديمة ومناظر طبيعية خلابة.
تكفلت مجلة (ثقف نفسك) بشراء بطاقة السفر وتأمين حجوزات الفندق ‘ ولم يبق على حسان سوى صعود الطائرة ودعاء السفر وإغماض عينيه حالماً بوصوله إلى تلك البلاد.
بعد رحلة ااستغرقت ما يزيد على الساعات العشر ‘ وصلت الطائْرة إلى مقصدها ‘ ونزل حسان من الطائرة ليجتاز الحواجز المعتادة في المطار ‘ ثم ليستقل أول سيارة أجرة قاصدا الفندق الفخم الذي سيستقبله خلال فترة إجازته.
عندما دخل حسان الفندق زاغت عيناه من جمال البناء الفتان ‘ ومن الفخامة التي زينت كل بقعة من أرجاء المكان .
الموظفون في الفندق يتميزون بجمال الوجه وحسن الهندام ولطف الكلام .
ملأ حسان استمارة الفندق ‘ ورحب به المدير راجيا له حسن الإقامة.
عندما قرأ حسان المعلومات السياحية عن هذه البلاد وجد أن المعابد تشكل العصب السياحي الأساس في البلاد ‘ لذلك قرر بعد استراحة قصيرة أن يباشر برنامجه السياحي بزيارة للمعبد الرئيسي في البلاد.
خرج من الفندق بعد نحو ساعتين من وصوله ‘ وأمسك خارطة الشوارع وبدا البحث عن المعبد المقصود.
بعد ثلاثين دقيقة وصل إلى مقصده بعد أن تاه قليلا في الشوارع المجاورة ‘ ولكن كما يقول المثل العامي ((اللي في فمه لسان لا يضيع)).
دخل حسان المعبد على أطراف أصابعه ‘ وكانت ضخامة البناء وأضواء الشموع وأصوات الموسيقا الخافتة تملأ المكان رهبة وعظمة.
وجد في الداخل جماعة من المصلين يتجهون بسجودهم إلى حوض زجاجي وضعت فيه ورقة خضراء.
تعجب حسان من هذه المنظر ‘ فقد ظن أنه سيجد تمثالا لبوذا أو لصنم آخر‘ ولكنه فوجىء بهذا المنظر ‘ فاستولى عليه الفضول وقرر أن يقترب من هذا القداس الغريب شيئا فشيئا ‘ وكلما اقترب خطوات زاد عدد الساجدين المبتهلين القاصدين بآمالهم تلك الورقة في ذلك الحوض.
وأخيرا استطاع أن يميز ملامح الورقة الخضراء‘ فقد رأى مسبقا مثيلاتها في مرات عديدة ‘نعم إنه يتذكرها تماما ‘ إنها ورقة المئة دولار !
إذا هو في معبد ربه المال
في معبد ربه الدولار
في معبد توجه الصلوات فيه إلى السنتات
فغر حسان فمه لهذه المفاجأة‘ وفهم لماذا أخبره أمين سر المجلة أن بلاد ((الموني))هي مقصد الأثرياء وأصحاب الأعمال في العالم.
وكي يستطيع حسان إتمام مغامراته ‘ قرر أن يجلس جانب عدد من المصلين كي يفهم ماهية دعائهم وصلواتهم.
جلس جانب المصلي الأول ووضع يديه أمامه في وضعية خشوع كي لا يلفت نظر المصلين وأرهف أذنيه فسمع هذا الدعاء:
((سيدي
هأنذا عبدك الذليل بين يديك
قطعت المسافات الطوال لأجلس هذه الجلسة أمام مقامك
سيدي
لقد كنت دائم الاعتقاد بقدراتك.
كما كنت مخلصا لك ومضحيا من أجلك
لقد ظلمت الكثيرين في سبيلك
لقد رشوت وارتشيت في سبيل نيل رضاك
لقد جاهدت في سبيلك فضربت الضعفاء ‘ وطردت الفقراء
فهل تكون راضيا عني؟
امنحني بركاتك ‘ وكن معي في كل لحظة
وأعطني القوة كي أجاهد في سبيل نصرتك
وأزل الرحمة والشفقة من قلبي حتى لا أخونك وأفرط بك
ودم لي سيدي ))
ارتجف جسد حسان عند سماعه هذه الكلمات وأيقن أنه
في عالم غريب لم يخطر في باله أن يوجد.
ثم انتقل إلى آخر وأعطى أذنيه للسماع ‘ فسمع:
((سيدي
إنني أحاول نيل رضاك في كل شؤوني
إنني وأهلي وعشيرتي بذلنا الكثير من الوقت والجهد في سبيل تحصيلك
شاركنا في حروب بلادنا التي انقضت على بلدان ضعيفة بغية نهب خيراتها ومص دماء شعوبها
لقد تخلصنا من كل فقير أو مستضعف ينظر إلينا بعين الكراهية والحسد ‘ حتى نضمن لأنفسنا العيش السعيد الرغيد تحت أنظارك
ونحن نعاهدك أنا سنبقى أوفياء لك‘ وسنضرب بيد من حديد على كل من يريد منازعتنا الولاء لك
فأنت لنا‘ فكن لنا وحدنا وأبعد عنا الطفيليين أصحاب الحاجات مكسوري الجناح والخاطر
سيدي نحن المخلصين من مريديك ‘ قونا في وجه أعدائنا ‘ وامنحنا بركتك ‘ كي تغدو خزائننا نا طقة بذكرك ))
غضب حسان لهذه المناجاة التي تدل على سخافة المنطق وضلال الفهم ‘ فرفع كفيه إلى السماء ‘ وقال :
(( إلهي يا أرحم الرحمين
سامحني على وجودي في هذا المكان
فبعزتك لم أكن أعلم أن الأصنام لا زالت تعبد على سطح الأرض
إلهي ارزقني حبك والإخلاص لك واجعل رزقي حلالاً طيبا مباركا فيه
اللهم إن كنت كتبت لي البركة في الرزق فاجعلني عبدا حامدا شكورا لك متحرياً الحلال متجنبا للحرام.
وإن كنت كتبت علي التقتير في الرزق فاجعلني عبدا صبورا قنوعا ‘ وأسبغ علي سترك يا كريم
يارب لا تجعل قلبي يتعلق بصنم مال أو شهرة أو جاه
اللهم اجعلني من عبادك الصالحين العاملين المتقين المخلصين
وباعد بيني وبين الحرام كما باعدت بين المشرق والمغرب))
أنهى حسان دعاءه ‘ وخرج من المعبد ضيق الصدر ‘ فأسرع تجاه الفندق ‘ وحمل حقائبه التي لم تفتح بعد ‘ واتجه إلى المطار‘ قاصدا بلاده حيث تسجد الجباه لله وحده.[/b][/right][/font][/size][/size]
- ألو السيد حسان
- نعم أنا حسان
- مبروك السيد حسان لقد فزت بالمسابقة الثقافية لمجلتنا(ثقف نفسك)وأرجو أن تحضر إلى مكاتبنا كي تستلم جائزتك القيمة.
أغلق حسان الهاتف وهو يكاد يطير فرحا, فهي المرة الأولى التي يشارك فيها في مسابقة عامة, وقد حالفه التوفيق ففاز في أول مشاركة ’وقد تضاعف شعوره بالسعادة عندما تذكر أن فوزه في المسابقة كان تقييما لمعلوماته وثقافته العامة’وليس نتيجة لاتصال هاتفي أو ضربة حظ كما يفعل الملايين آملين بالملايين.
قصد حسان مكان المجلة’ودخل غرفة أمين السر الذي رحب به بحفاوة, وقدم له الجائزة وهي رحلة لمدة أسبوع إلى ((بلاد الموني ))
شكره حسان على هذه الجائزة القيمة’ولكنه سأله مستفسراً: وأين تقع هذه البلاد؟
ابتسم سكرتير التحرير ‘ وأجاب: ستجد المعلومات كاملة في المغلف الذي أعطيتك إياه.
شكر حسان إدارة المجلة من جديد’ وهرع إلى بيته كي يفتح المغلف ويبحث عن موقع تلك البلاد.
لقد وجد في المغلف عدة نشرات سياحية ‘ فهم منها أن ((بلاد الموني)) تقع في جزيرة نائية في المحيط الهندي ‘ ويقصدها كبار رجال الأعمال وأثرياء العالم لما تتمتع به من مواقع سياحية ومعابد قديمة ومناظر طبيعية خلابة.
تكفلت مجلة (ثقف نفسك) بشراء بطاقة السفر وتأمين حجوزات الفندق ‘ ولم يبق على حسان سوى صعود الطائرة ودعاء السفر وإغماض عينيه حالماً بوصوله إلى تلك البلاد.
بعد رحلة ااستغرقت ما يزيد على الساعات العشر ‘ وصلت الطائْرة إلى مقصدها ‘ ونزل حسان من الطائرة ليجتاز الحواجز المعتادة في المطار ‘ ثم ليستقل أول سيارة أجرة قاصدا الفندق الفخم الذي سيستقبله خلال فترة إجازته.
عندما دخل حسان الفندق زاغت عيناه من جمال البناء الفتان ‘ ومن الفخامة التي زينت كل بقعة من أرجاء المكان .
الموظفون في الفندق يتميزون بجمال الوجه وحسن الهندام ولطف الكلام .
ملأ حسان استمارة الفندق ‘ ورحب به المدير راجيا له حسن الإقامة.
عندما قرأ حسان المعلومات السياحية عن هذه البلاد وجد أن المعابد تشكل العصب السياحي الأساس في البلاد ‘ لذلك قرر بعد استراحة قصيرة أن يباشر برنامجه السياحي بزيارة للمعبد الرئيسي في البلاد.
خرج من الفندق بعد نحو ساعتين من وصوله ‘ وأمسك خارطة الشوارع وبدا البحث عن المعبد المقصود.
بعد ثلاثين دقيقة وصل إلى مقصده بعد أن تاه قليلا في الشوارع المجاورة ‘ ولكن كما يقول المثل العامي ((اللي في فمه لسان لا يضيع)).
دخل حسان المعبد على أطراف أصابعه ‘ وكانت ضخامة البناء وأضواء الشموع وأصوات الموسيقا الخافتة تملأ المكان رهبة وعظمة.
وجد في الداخل جماعة من المصلين يتجهون بسجودهم إلى حوض زجاجي وضعت فيه ورقة خضراء.
تعجب حسان من هذه المنظر ‘ فقد ظن أنه سيجد تمثالا لبوذا أو لصنم آخر‘ ولكنه فوجىء بهذا المنظر ‘ فاستولى عليه الفضول وقرر أن يقترب من هذا القداس الغريب شيئا فشيئا ‘ وكلما اقترب خطوات زاد عدد الساجدين المبتهلين القاصدين بآمالهم تلك الورقة في ذلك الحوض.
وأخيرا استطاع أن يميز ملامح الورقة الخضراء‘ فقد رأى مسبقا مثيلاتها في مرات عديدة ‘نعم إنه يتذكرها تماما ‘ إنها ورقة المئة دولار !
إذا هو في معبد ربه المال
في معبد ربه الدولار
في معبد توجه الصلوات فيه إلى السنتات
فغر حسان فمه لهذه المفاجأة‘ وفهم لماذا أخبره أمين سر المجلة أن بلاد ((الموني))هي مقصد الأثرياء وأصحاب الأعمال في العالم.
وكي يستطيع حسان إتمام مغامراته ‘ قرر أن يجلس جانب عدد من المصلين كي يفهم ماهية دعائهم وصلواتهم.
جلس جانب المصلي الأول ووضع يديه أمامه في وضعية خشوع كي لا يلفت نظر المصلين وأرهف أذنيه فسمع هذا الدعاء:
((سيدي
هأنذا عبدك الذليل بين يديك
قطعت المسافات الطوال لأجلس هذه الجلسة أمام مقامك
سيدي
لقد كنت دائم الاعتقاد بقدراتك.
كما كنت مخلصا لك ومضحيا من أجلك
لقد ظلمت الكثيرين في سبيلك
لقد رشوت وارتشيت في سبيل نيل رضاك
لقد جاهدت في سبيلك فضربت الضعفاء ‘ وطردت الفقراء
فهل تكون راضيا عني؟
امنحني بركاتك ‘ وكن معي في كل لحظة
وأعطني القوة كي أجاهد في سبيل نصرتك
وأزل الرحمة والشفقة من قلبي حتى لا أخونك وأفرط بك
ودم لي سيدي ))
ارتجف جسد حسان عند سماعه هذه الكلمات وأيقن أنه
في عالم غريب لم يخطر في باله أن يوجد.
ثم انتقل إلى آخر وأعطى أذنيه للسماع ‘ فسمع:
((سيدي
إنني أحاول نيل رضاك في كل شؤوني
إنني وأهلي وعشيرتي بذلنا الكثير من الوقت والجهد في سبيل تحصيلك
شاركنا في حروب بلادنا التي انقضت على بلدان ضعيفة بغية نهب خيراتها ومص دماء شعوبها
لقد تخلصنا من كل فقير أو مستضعف ينظر إلينا بعين الكراهية والحسد ‘ حتى نضمن لأنفسنا العيش السعيد الرغيد تحت أنظارك
ونحن نعاهدك أنا سنبقى أوفياء لك‘ وسنضرب بيد من حديد على كل من يريد منازعتنا الولاء لك
فأنت لنا‘ فكن لنا وحدنا وأبعد عنا الطفيليين أصحاب الحاجات مكسوري الجناح والخاطر
سيدي نحن المخلصين من مريديك ‘ قونا في وجه أعدائنا ‘ وامنحنا بركتك ‘ كي تغدو خزائننا نا طقة بذكرك ))
غضب حسان لهذه المناجاة التي تدل على سخافة المنطق وضلال الفهم ‘ فرفع كفيه إلى السماء ‘ وقال :
(( إلهي يا أرحم الرحمين
سامحني على وجودي في هذا المكان
فبعزتك لم أكن أعلم أن الأصنام لا زالت تعبد على سطح الأرض
إلهي ارزقني حبك والإخلاص لك واجعل رزقي حلالاً طيبا مباركا فيه
اللهم إن كنت كتبت لي البركة في الرزق فاجعلني عبدا حامدا شكورا لك متحرياً الحلال متجنبا للحرام.
وإن كنت كتبت علي التقتير في الرزق فاجعلني عبدا صبورا قنوعا ‘ وأسبغ علي سترك يا كريم
يارب لا تجعل قلبي يتعلق بصنم مال أو شهرة أو جاه
اللهم اجعلني من عبادك الصالحين العاملين المتقين المخلصين
وباعد بيني وبين الحرام كما باعدت بين المشرق والمغرب))
أنهى حسان دعاءه ‘ وخرج من المعبد ضيق الصدر ‘ فأسرع تجاه الفندق ‘ وحمل حقائبه التي لم تفتح بعد ‘ واتجه إلى المطار‘ قاصدا بلاده حيث تسجد الجباه لله وحده.[/b][/right][/font][/size][/size]